قوت الأرواح

إن كتاب “قوت الأرواح طريق الصوفية إلى الله تعالى” يتناول طريق قوم رأوا أن سبيل النجاة في التمسك بتقوى الله، وأداء فرائضه، والورع في حلاله وحرامه وجميع حدوده، والإخلاص لله تعالى بطاعته والتأسي برسوله ، يؤثرون الآخرة على الدنيا بما أودع الله في قلوبهم من نور الفهم والفقه عن الله فهم مستمسكون بأمر الله وسنن المرسلين ،هم أقل من القليل كما قال رسول الله “بدأ الإسلام غريبًا وسيعود كما بدأ ،فطوبى للغرباء”. وهم المنفردون بعلمهم، المجتمعون على نصح الأمة، لا يرجون أحدًا في معصية الله، ولا يقنطون أحدًا من رحمة الله، ويصون كل أحد بالصبر على البأساء والضراء، والرضا بالقضاء، والشكر على النعماء، يحببون الله تعالى إلى العباد بذكرهم أياديه وإحسانه، ويحثون العباد على الإنابة إلى الله تعالى، علماء بعظمة الله تعالى، وعظيم قدرته، وعلماء بكتاب الله تعالى وسنته، فقهاء في دين الله، علماء بما يحب ويكره، ورعين في البدع والأهواء، تاركين التعمق والإغلاء، مبغضين للجدال والمراء، متورعين عن الاغتياب والظلم والأذى، مخالفين لأهوائهم، محاسبين لأنفسهم، مالكين لجوارحهم، ورعين في مطاعمهم وملابسهم وجميع أحوالهم، مجانبين للشبهات، تاركين للشهوات، قانعين بالكفاف من الأقوات، متقللين من المباح، زاهدين في الحلال، مشفقين من الحساب، وجلين من المعاد، مؤثرين على أنفسهم، لكل امرئ منهم شأن يغنيه، علماء بأمر الآخرة وأهاويل القيامة، وجزيل الثواب وأليم العقاب، فأورثهم ذلك الهم الدائم والحزن المضني، فشُغِلوا عن سرور الدنيا ونعيمها، فهم العالمون بطريق الآخرة، المتأسون بالمرسلين المصابيح لمن استضاء بهم، والهادون لمن استرشدهم، نصب أعينهم قول رسول الله “إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .