مجنون ليلى

تمنيت لو أمحو كل ذكرياتي وأقطع علاقتي بكل ما يشدني إلى الماضي تمنيت لو أعيش الحاضر بهيجا وخاليا من أي أعباء .. كانت هزيلة وبائسة ، جسدها نحيل مغطى بالأوساخ والبقع الجلدية مقزز وعاري إلا من بعض القطع البالية التي تعود لثوب قديم مزقته الأيام فأستحال إلى خرق بالكاد تغطي جسمها ، لا أنكر عليك ما ألتمست فيها من الجمال فبالرغم من كل تلك البشاعة إلا أنها كانت تحمل لمسه جمالية قديمة أشبه بأثر نفحة منسية لم تعبث بها أصابع الزمن ولم يبهتها تعاقب الفصول ، جمال أزليا راسخ أودع فيها من زمن بعيد تجلى في وجهها الطفولي المغطى بالبثور ، لم يكن برنيا وإنما وجها شرها وملحاحا . توقف الزمن عند رؤيتها كما توقف العقل ، بدا وكأن الوجود بأكمله قد انحسر في هذه البقعة من الصحراء ، هنا لا يوجد أي دلائل على الآخر فقط أنا وهي أو أنا وأنا ، لم أدري ما أفعل أول الأمر فقد تملكتني الحيرة وسيطر على الذهول، تحركت نحوها محاولا الاقتراب ولكنها ابتعدت ظلت تبتعد وظللت أجري خلفها إلى أن فقدت أثرها فأصبحت تائها هائما على وجهي!