العاطلون

المسرة مكان مشطوب، رغم أنها القفة التي تحمل الجميع، مكان عودة المنهزمين، هنا لا يخجل أحد من كسره، كلنا نسير بأرجل عرجاء، حتى ذلك النوع الساقط من الإيمان، أين يقضي الشيوخ حيواتهم يتباكون حول مسالة زيارة البقاع المقدسة ثم يطوفون بأول مقام يقفون عنده، ويشعلون الشموع ويرقصون، ثم يتنصلون من أوجه الشيوخ حتى يصبحوا بذلك أصناما، تطوف حول أصنام، ويرقص، يرقص معهم أبي، يدور حول نفسه ويبكي أمام رفاة شخص قيل إنه كان لصا قبل أ يفتح الله عليه أبواب السماء، أجزم أن أبي كان سيضع رصاصة في منتصف رأسه لو نهض هذا المقبور حتى يأخذ إحدى دجاجاته، وحتى و إن كان الغناء الوحيد الذي نسمعه في المسرة هو ترنيمات الهبل التي يغنونها أمام قبور الصالحين أو تلك التي تسل من حناجر النساء في أعراس المنطقة المكتومة، كانت للمسرة موسيقاها الكونية، ولم يكن لأحد أن يجاري صمتها تتراقص الأيام هنا بنفس الخطوات دائما، الساعات ممتدة مثل الصفار الذي ينطع على الأزقة ثم الأوجه، ثم ترى انتفاخ البطون وخواء العقول وبلاهة شديدة، من ترديد ما يذاع في نشرات الأخبار وتداول مقالات الجرائد الرخيصة والحديث، الكثير منه حيث سيعلمك ذلك الذي لا يعرف رسم اسمه كيف لك أن تدير حياتك، إنها مدينة الجنائز المؤجلة والظلمة التي تأتي رفقة الشمس.