عرش من الرمال - الجزء الأول

في سالفِ الزَّمن البعيد، وفي الصَّحراء الشَّاسعةِ القاحلة، ذات الأصواتِ المرعبة، والكهوفِ المخيفة، والصمت الجامح المميت، وعلى هذه الصحاري غير المروَّضةِ، ذات السلاسل الجبليَّة المرتفعة، والكثبان الرَّمليَّة الملتهبة بضوء الشَّمس وأشعتها الحارقة نهارًا، والباردة الحالكة، النيرة ببصيصٍ من ضوء القمر المتلألئ ليلاً، في أرض الآباء والأجداد “الجزيرة” العربية، دارتْ أحداثٌ تفوق تفاصيلها “الخياليَّة” ما تستوعبه وتسرده ذاكرة البشر، وتستسيغه العقول. فهذه الأرض المنسيَّة تسكنها وتتحرك عليها قبائلُ بدويَّة متنافرة، تتعايش على رقع منها قرى صغيرةٌ متباعدة، غير بعيدة عن “مكةَ المكرمة” و“المدينة المنورة”، حيث احتفظتا تلك “المدينتين المقدستين” بسيادتهما المستقلِّة، وكانت لهما في قلوبِ أهل الصحراء مكانتهما الثابتة المقدَّسة.