غريب في المقهى

عندما تنظر إلى وجوه الأشخاص قد ترى ما يجعلُكَ تبتسم وما يجعلك تحزن ترى من هم في حيرة من أمرهم وترى من يصطنع الانشغال ليُشغِلَ عينه عن تلاقي شخص ما، ترى بدايات ونهايات، تري من حكـم عليـه القـدر بخوضه أصعب الطرق، وترى مَن مهّد له طريقه، هناك من يتلاقى بهدف العمل، وهناك من يبتسم ليُخفّف عتمة الأيام، وترى من كان ناقمـا على قدره، وهناك من يحترم القدر وأحكامه ؛ فيرضَى ويُحب الدور الذي خُلق من أجله. في زوايا الأماكن قصصُ تُروى بصمت لا يفهمه إلا مَن لامسه. تستعجب من اختلاف البشر وتقلبهم.. هناك من يروي قصتك وهنــاك مـن يذكرك بماضيك، وهناك من تتوقع نهاية رحلته، تجد نظرات الحب المتبادل وتجد الانعزال، تُلاحظ ما تبوح به الأعين قبل الألسن؛ فمنهم من تتعاطف معه، ومنهم من يجعلك في حيرة من أمره، ومن يحاول تشويش ذهنك، تـرى من يحاول المبادرة بالكلمة الأولى، وترَى مَن يتهافت على الكلمة الأخيرة بنظرات مودع، ستجد مَن شغَلَ نفسه بشيء هو لا يراه بسبب شرود ذهنه، ولكنه يحاول ويحاول. تسمع الهمس وترى الاهتمام، تلاحظ القلق وتتفادى المواجهة لتشعر بأنك داخل مسرح كبير، ولكنك غير مرئي فقط تشاهد ما يتم عرضه من خلف الستار وما وراء الكواليس، ترى من يكتب البداية وتحزَنُ لنظرات الخيبة، إن في الصمتِ حديثًا لا يقال؛ لأجل هذا كتبت الروايات.