سلالة الحمير

قسّمت أمي الأطفال إلى ثلاثة أصناف: ملائكة، ومن فلول الشياطين، وسلالة الحمير. نسبت الأولاد والبنات الوديعين والمطيعين إلى سلالة الملائكة. هؤلاء بقوا هناك، حيث تركهم الكبار، الذين غالبًا ما يتذكرون أبناءهم بعد منتصف الليل، عندما يكونون في مدينة أخرى. هؤلاء الأطفال لم يلجؤوا للبكاء الصاخب طلبًا للطعام، بل مصّوا أصابعهم، وهم يتخيلون أنه حساء جميل، وأصبحوا بدينين وجميلين. بعض الأوغاد الصغار ينتمون إلى سلالة الشياطين. يتجول أحدهم -كما تقول أمي- في الشقة من الصباح حتى الليل، ويضحك بخبث، ويسقط جميع الأشياء التي يصادفها في طريقه، ويخرّب الأثاث، ويقلب المزهريات الصينية، ويمزّق أوراق الجدران. يطلبون الطعام، وهم يصرخون ويعضون بشكل مقزز. أما سلالة الحمير فهي مختلفة تمامًا. ثمة حمار يدخل في جسد الطفل، المنتمي لهذه السلالة، منذ الولادة. يشغل الحمار مكانه بثقة، مما يجعل الطفل ثقيلًا على نفوس المحيطين به. لم يكن هذا الطفل ملاكًا، مثل الأطفال في السلالة الأولى، مع أن ملامح وجهه قد تكون جميلة، ولا يغضب ولا يهدد، كما تفعل فلول الشياطين، ولكنه تميّز بثلاث خصائص رهيبة: العناد، حيث إن هذا الطفل دائمًا وأبدًا يصرّ على رأيه؛ والإنصاف، حيث إنه يتصيد الأخطاء الصغيرة؛ والشجاعة، حيث إنه لا يمكن لأي قيد أن يمنعه من نشاطه الأثيم للمعرفة. فازت الكاتبة بجائزة "أرنست همنغواي" للأدب عام 2017 في كندا عن هذا الكتاب، ودخل القائمة الطويلة لجائزة "ياسنايا بولانا" عام 2017