ألف ليلة وليلة "حكايات أخرى"

لا جدال في أهمية نص مثل حكايات "ألف ليلة وليلة" في تاريخ السرد الإنساني بل وأكاد أقول في تاريخ الثقافة الإنسانية بشكل عام. ولم يتوقف النشاط العلمي المهتم بهذا الفضاء الإبداعي عن اكتشاف روايات ونسخ خطية جديدة كل فترة على صلة وثيقة بعالم "ألف ليلة".. لكن مزاعم عدم وجود جديد ما زالت للأسف تلاحق الباحثين والمهتمين من آن لآخر.. وهي المزاعم التي يدحضها ما يتم العثور عليه من أن لآخر من مخطوطات جديدة ملهمة في هذا الفضاء السردي البديع.. وعلى كثرة ما يعثر عليه الباحثون أو يتابعونه، فإن مخطوطا كالذي نحققه ونقدم له بين ضفتي هذا الكتاب يطرح جديدا في هذا العالم المكتنز بالحكايات.. فالوحدة في هذا المخطوط ليست وحدة الليلة بل وحدة الحكاية بشكل يمكننا معه أن ندعي أن هذه الحكايات يمكن أن تعيد كتابة تاريخ الرواية العربية، وتعود بها إلى نهايات القرن الثاني عشر الهجري / أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. كما أن إحدى الحكايات تطرح تصورا لعملية الحكي على خلاف ما جاء في الليالي المعروفة، حيث إن: الراوي في هذا المخطوط ليس شهرزاد الأنثى بل هو حكاء رجل. كما أن مسرح الحكي ليس مخدع الملك، بل مقهى وتجمع من المستمعين والمتلقين. وسبب الحكي ليس الخلاص من الموت بل اقتسام ربح المقهى أو "الغلة" مع صاحب المقهى آخر السهرة ... إن هذه الحكايات التي اعتبرها هشام عبد العزيز ضمن إطار ألف ليلة وليلة" تفجر الكثير من الأفكار حول حركة السرد العربي والإنساني وتاريخ نص سردي كبير مهم مثل "ألف ليلة".. كما يطرح هذا الكتاب أهمية تحقيق نصوص التراث الشعبي، خاصة بعد النتائج المهمة التي يمكن التوصل إليها بعد تحقيق دقيق لمثل هذه النصوص.