سكرين شوت

عدّلت من جلستها, وأسندت خدها إلى راحة يدها, ثم ضمّت قدميها إلى صدرها، تحدّق في ذلك البندول المتأرجح من ساعة الجدار. كم تبغض هذه الساعة! عقاربها تبثّ الخوف في قلبها، وكأنها حقًا عقارب سامة تسرّب سمّها في كيان المشاعر. تحرّكت قليلًا، أسندت رأسها إلى وسادتها، ومدّت ساقيها، ثم استسلمت لذاكرتها التي أعادتها إلى الوراء. شعرت أن الذكريات هي نافذتها الوحيدة إلى بعض الهواء النقي، انتعاش مؤقت لقلب أنهكه ثقل الوقت. طفولتها العادية… حضن الأم… طاولة الطعام التي كانت تشغل معظم وقت العائلة، حيث تُحلّ المشاكل وتُتخذ القرارات، كل ذلك كان كفيلًا بحلّ ما تعجز عنه الآن أرقى الأرائك الفاخرة. نظرت مجددًا إلى عقارب الساعة… لا شيء يتحرك. أغمضت عينيها في محاولة يائسة لاستدعاء ذكرى تبعث في قلبها بعض السعادة، لكنها فشلت. ارتعش وجهها قليلًا حين تذكّرت وفاة والدها، إحساس غريب اجتاحها… شعرت وكأنها تُركت وحيدة في صحراء شاسعة، تترقب الضبع الجائع الذي ينتظر لحظة الانقضاض على فريسته. حتى الذكريات، تلك التي كانت يومًا ملاذها، تواطأت مع عقارب الساعة في محاولة اغتيالها. نظرت مجددًا إلى الساعة… لم يمرّ سوى خمس دقائق.