الدين في مستقبل البشرية

الدين في مستقبل البشرية فكر ودراسات إنسانية الكاتب والمفكر/ م. عيسى بيومي دار النشر/ دار غراب للنشر والتوزيع الناشر/ حسن غراب جمهورية مصر العربية ---------------------- على مدى خمسة عقود زرت ما يقرب من خمسين بلدًا في كل أرجاء الأرض, تُمثل بتعداد سكانها ما يزيد على نصف سكان العالم, يتنوعون في ألوانهم وثقافاتهم وألسنتهم ودياناتهم. كنت مهتمًا – بجانب أداء عملي – بتأمل حركة الحياة حيثما ذهبت, متمثلة في سلوك الناس ومنطق العيش الذي يسود بينهم, ومهتمًا بشكل خاص بملاحظة مدى تأثير الدين الذي يعتنقونه على حياتهم وعلى المسار العام لمجتمعاتهم. بعض البلدان التي زرتها تسودها الديانة المسيحية, وبعضها يغلب عليها دين الإسلام, وإحداها يدين معظم سكانه بالهندوسية, والبعض الآخر يتبع تعاليم بوذا أو ما يعرف بالديانة البوذية؛ وهذه أكبر الديانات الموجودة في عالمنا اليوم. بدا لي أن دور الدين في حياة الناس يتضاءل في البلدان المتقدمة علميًا وتكنولوجيًا، سواء في الغرب أو الشرق، بينما يبدو دوره فعالًا في البلدان التي يخفت فيها صوت العلماء والمخترعين، وهذا هو ما يدفع العقل للربط بين الدين والعلم في تناسب عكسي، أو يجعل من الدين مكونًا سلبيًا في معادلة التقدم البشري والحضارة الحديثة. يتقلص إقبال المرضى على رجال الدين طلبًا للشفاء كلما ازدادت ثقتهم في الأطباء، وهو ما أسكت صوت الميتافيزيقا وأعلى صوت العلم في بلدان غلَّبت مبدأ السببية على التفسير الغيبي للأحداث.