هذا جناه الأدب على أحلام

هذا جناه الأدب على أحلام رواية الكاتبة/ نهى عاصم دار النشر/ دار غراب للنشر والتوزيع الناشر/ حسن غراب جمهورية مصر العربية ---------------------- بعدَ ليلة مُضطربة خوفًا من أن أرى في منامي ثانيةً ما يجعلني أرتكب كارثةً جديدة. استعدتُّ نشاطي وانتعشتُ بعد حمّام دافئ وشطيرةِ جبنة صغيرة أكلتها أثناءَ إطعام القطط ثمَّ أعددتُّ قهوتي. دخلتُ إلى غرفة القراءة كما أسمّيها، والتي كانت غرفةَ إخوتي الصبيان، نحَّيتهم عن عقلي، وأخذت أستدعي لحظاتِ فرحي وأنا أصمِّم المكتبة ثلاثية الأضلاع وأضعُ في منتصفها مكتبي وحاسبي كما لو كانت الكتبُ تحتضنني، فتحتُ حاسبي وجلست بصحبةِ القطط وألقيتُ تحية الصباح على أهلِ الإمارات، وتحيةَ صباح مبكرة جدًّا لأهل كندا والبرازيل.. وقرَّرت ألا أحكي لهم ما حدثَ لي بالأمس حتى أذهبَ إلى دكتور صلاح وأفهمَ منه مشكلتي، فهي لم تعدْ حالةً فردية؛ بل تكرَّر الأمر سابقًا وأصبحتُ أخاف وحْدتي. تذكرتُ دكتور صلاح وهدوءه بالأمس ووقارَه، هو يكبرني بعدةِ سنوات، وأعتقد أنَّه في أول عقده السادس، طويل، خمريُّ اللون، أسودُ الشعر، عيونُه بنية، ملامحه وسيمة، خاصة بشاربه ولحيته الفوضويّان.. تُرى هل سيعلم ما بي ويتمكَّن من علاجي؟ جاءني ردٌّ من لينة- لينة الجنة كما أحبُّ أن أطلق عليها- ابنتي الإنترنتّية، طمأنتني عنها وعن بناتها، وأخذنا الحديثُ إلى كتاب جديدٍ نقرؤه سويًّا لكارلوس زافون بعنوان سجين السماء وهو الجزءُ الثالث من رُباعية مقبرة الكتب المنسيَّة. كان نقاشُنا يدور عنْ هذا الأديب الإسباني، وكيف كتبَ هذه الرباعية ثمَّ توفّي في عُمر الكهولة كما لو كانَ قد أعطاها من عصارة روحِه وعمرِه ليموت بعدما انتهى منها.