يوميات سعد عباس (1959-1965)

رواية يوميات سعد عباس (1959 - 1965) الجزء الثاني الكاتب/ مصطفى بيومي دار النشر/ دار غراب للنشر والتوزيع الناشر/ حسن غراب جمهورية مصر العربية ------------------------ ما حدث بعد كتابة السطور السابقة, قبل ساعتين تقريبًا من نهاية سنة 1958, يفوق كل توقع وخيال. افترشتُ الأرض وأمامي عدة زجاجات من البيرة, وشرعتُ في الشرب منتشيًا بموسيقى تشايكوفسكي تصدح من الأسطوانة الموروثة عن أبي, وفوجئتُ بالمفتاح يدور في باب الشقة, ثم تظهر زينب التي غادرت قرب الثالثة ولم تقل إنَّها ستعود. أول ما فكرتُ فيه أنَّها نسيت شيئًا, لكن: أي شيء مهم نسيته يدفعها إلى المجيء في العاشرة, والجو شديد البرودة؟. رفعتُ رأسي متثاقلًا فوجدتُ "امرأة" شهية ترتدي فستانًا أنيقًا ضيقًا يكشف عن المخبوء من مفاتنها, وتضع شالًا على كتفها لا أظنه لاتقاء البرد, بل مراودة للأناقة, ويفوح منها عطر مثير لا أدري من أين جاءت به. أحمر الشفاه لافت فاقع الحمرة, والشعر الأسود الكثيف المنسدل يُضفي عليها هالة في الغرفة المعتمة المضاءة بشمعتين وضعتُهما في شمعدان ذهبي يتوسط المكتب. كيف سارت في حواري "بوابة المتولي" على هذا النحو؟, ولماذا جاءت؟. عرفتُ أنَّها قد حسمت أمرها وقرَّرَت أن تخوض المغامرة المؤجلة, ووجدتُ نفسي أخاطبها في هدوء لا ينم عن مفاجأة أو دهشة