المفارقة في شعر رثاء النفس بين القديم والحديث

عرف الكثير من الشعراء عن أحوال أنفسهم بل ورثوها، وكأن هذا الصراع الذي تقوم عليه هذه النفس قد انتقل من ذواتهم (نفوسهم) إلى قصائدهم الأخيرة، فرثوا أنفسهم بأجمل وأبلغ القصائد، والتي على الرغم من كلّ الظروف الصعبة التي كانت تحيط بها إلا أنهم رسموا من أبياتها لوحات أدبية تستحق التوقف عندها والتدبر والتأمل. تكمن أهمية هذه الدراسة في كونها تتناول جانبًا مهمًّا من شعر الرثاء، وهو رثاء بعض الشعراء لأنفسهم قبيل وفاتهم، وذلك باستخدام تقنية حديثة جديدة تسمى (المفارقة)، حيث إن في هذه القصائد بيئة خصبة لتشكلها، وقيامها بأنواع وأغراض ووظائف مختلفة، فالمفارقة تقوم على مخالفة المتوقع، وكسر أفق التوقعات، وهذا ما يوجد في أشعار رثاء النفس. أما منهج الدراسة؛ فقد اتبعت الباحثة المنهج التحليلي الوصفي؛ كونه يمنح مساحة أكبر للتقصي والتحليل، والبحث في الظروف المحيطة، والغوص في أعماق الشخصيات، وسبر أغوار نص الخطاب الشعري بشكل عام، ومن هنا اقتضت طبيعة الدراسة كذلك الولوج إلى الأبعاد النفسية (السيكيولوجية)، وهذا لا يكون إلا بالاستفادة من المنهج النفسي كذلك.