فولكلور الأسفلت

للمادة الفولكلورية مكانتها وقيمتها وأهميتها, وذلك يأتي من بساطتها وقربها من التربة التي أفرزتها، فجذورها أصيلة وثابتة وضاربة في عمق بيئتها، رغم ما قد تبدو عليه من خفة وتحرر وتمرد وعفوية. لذا فقد اكتسب علم الفولكلور أهمية كبرى لتعبيره بصدق عن الإنسان، فكوَّن علاقة وطيدة مع علم الأنثروبولوجيا والدراسات الإنسانية، بجانب علاقته الوثيقة بالأدب والفنون بأشكالها المختلفة. من الماضي، حمل لنا أساتذة هذا العلم ورموزه نبوءة مفادها أن مستقبل الفولكلور يحمل من التجديد ما يجعله قادرًا على إنتاج أشكال أخرى عديدة، ربما جاء الآن دورنا بصفتنا طلابًا في محرابهم العلمي أن نُظهر ونزيل الصدأ عما قد يكون شكلًا، ومجرى من نبع هذا العلم الأصيل. من هنا تنطلق فكرة هذا الكتاب حيث نفتح بابًا لدراسة شكلٍ نُحت على طريقته الخاصة، سنجده متشربًا لتراثنا الشعبي. يصطلح الناس الآن على هذا الشكل باسم "حكم الميكروباصات" أو "حكم الأسفلت"، الرحلة بدأت هنا بدراسة داخل المكتبة الأكاديمية وانتهت في مواقف السيارات، للوقوف على أصل هذه الحكم والتحقق من ارتباطها بخصائص المادة الفولكلورية التي نعرفها، لتكون أحد فروع التراث الشعبي المستحدثة.