الكوارث الطبيعية وآثارها في الأندلس من الفتح الإسلامي إلى منتصف القرن السادس الهجري

من المعلوم أن الأندلس قد شهدت العديد من التحولات والأزمات والانعطافات الحاسمة التي كان لها تأثيرها الواسع والملموس على الأوضاع السياسية والحضارية معاً. ومن هذا القبيل كانت ظاهرة الكوارث الطبيعية في الأندلس؛ وتتمثل هذه الكوارث في موجات المحل والجفاف والمجاعات والأوبئة والزلازل والسيول والفيضانات والآفات الزراعية وما إلى ذلك. ولقد تعرضت بلاد الأندلس - كغيرها من البلاد الإسلامية - للعديد من الكوارث والجوائح التي كانت تلم بها من فترة لأخرى؛ فأحياناً كانت البلاد تتعرض للمحل والجدب الذي يحدث إما لانحباس الأمطار أو لتأخر سقوطها عن موسم البذر فينتج عن ذلك شح الغذاء وندرته مما يسبب المجاعات التي يصاحبها في الغالب الأوبئة والأمراض الفتاكة، وفي أحيان أخرى نجد وضعاً مغايراً لذلك حيث تشهد البلاد سلسلة من الأمطار الشديدة المتصلة والعواصف الصاعقة والرياح مما يسبب السيول والفيضانات التي تجتاح البلاد مسببة الغرق والدمار لمختلف المنشآت العمرانية، كما تؤدي إلى إتلاف المحاصيل وجرف التربة وبوار الأراضي الزراعية.