أحكام الغائب في الفقه الإسلامي

إن التراث الفقهي التليد الذي خَلَّفَه لنا فقهاء الإسلام العظام على مر العصور السالفة منذ بعثة النبي محمد ﷺ وإلى الآن ليزخر ويعج بالعديد من الأحكام التي تنظم حياة الناس، وتكفل لهم الصلاح والفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة. وإن هذه الأحكام - بصفتها معبرة عن الشريعة الإسلامية قد اتسمت بالشمولية، والمرونة، والسَّعَة، بحيث تفي بحاجات كُلّ المجتمعات على اختلاف بيئاتها وأماكنها ، وتنوع ثقافاتها ، وكذلك حاجات جميع الأفراد في كافة أحوالهم من الحضور والغياب، والصحة والمرض، والغنى والفقر والحرية والأسر ... وغير ذلك. وإذا حاولنا الاطلاع والوقوف والإلمام بأحكام حال واحدة من أحوال الأفراد السابقة، فإننا نجد أنفسنا أمام أحكام متناثرة هنا وهناك، وربما مستترة بين عبارات الفقهاء، فنصاب بالحيرة والشتات، ويزداد الأمر صعوبة ومشقة لو اتجه نظرنا إلى عمل دراسة مقارنة في المذاهب الفقهية المختلفة.