تعليم وتعلم الدراسات الاجتماعية

الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم، سبحانك لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، خلقت فأبدعت، وأعطيت فأفضت، فلا حصر لنعمك، ولا حدود لفضلك، ونصلي ونسلم على أشرف عبادك، وأكمل خلقك، وعلى آله وصحبه، ومن دعا بدعوته وسار على نهجه إلى يوم الدين... وبعد: فإن الإنسان العربي المسلم في مطلع القرن الجديد يواجه هجمة شرسة على قيمه وعاداته وتقاليده في محاولة مغرضة لتغريبه عن عقيدته وهويته التي ميزته عبر التاريخ، وهذه الهجمة تفرض على المناهج الدراسية عامة، ومناهج الدراسات الاجتماعية بصفة خاصة، واجبا لابد وأن تطلع به ألا وهو تحصين المتعلم وتزويده بكل ما يُمَكِنه من أداء الدور المتوقع منه كعضو فاعل في حياة مجتمعه. و يمكن القول : إن مجال الدراسات الاجتماعية بات يواجه تحديا خطيرا فرضته طبيعة العصر؛ مما يستدعي إعادة النظر في فلسفة وأساليب تدريسه؛ حتى ينهض بالدور المنتظر منه في إعداد الإنسان الصالح. فطبيعة المجال والنظرة إليه تغيرت كثيرا عما كانت عليه على الأقل في منتصف القرن العشرين، وقد عرض الكتاب لماهية الدراسات الاجتماعية وأهميتها وأهداف تدريسها، والتكامل بين فروعها في الفصلين الأول والثاني . وقد عني الكتاب بموضوعات أساسية وجوهرية في مجال تدريس الدراسات الاجتماعية يحتاجها الطالب المتعلم ولا يستغني عنها المعلم المتمرس من قبيل التدريس الجيد للدراسات الاجتماعية، وتخطيط الدروس ، فأفرد لها الفصلين الثالث والرابع . وإذا كانت السنوات الأخيرة من القرن العشرين قد شهدت تعدد قنوات نشر المعرفة، وبروز النشر الإلكتروني كأحد هذه القنوات، والتي ركزت كثيرا على كتب التراث في مجال العقيدة والتاريخ، والتي اختلط في كثير منها الغث بالثمين، وإذا كان من المسلم به أن المؤسسة التعليمية لا يمكن بحال من الأحوال أن نحملها مسئولية تنقية كل ما يمكن أن يصل للمتعلم؛ لأن ذلك يفوق قدرتها، بل وقدرة العديد من المؤسسات الاجتماعية، كما أن المتعلم لن يبقى طوال حياته بالمؤسسة التعليمية، ومن ثم يصبح الحل الأنسب هو العمل على تزويده بالقدرات التي تمكنه من فرز وتمحيص كل ما يعرض عليه، وتأتي قدرات التفكير الناقد في مقدمتها، وقد عرضت لطبيعة التفكير الناقد وفق الرؤية الجديدة له والتي تجمع بين البعد المعرفي والبعد الوجداني، وهو موضوع الفصل الخامس.