تم الاحتيال بنجاح
يحيى احمد الفيفي
إن الأنظمة التي تصدرها الجهات التشريعية على وجه العموم والأنظمة الجنائية على وجه الخصوص خير مقياس لحضارة الأمم فالأنظمة مرآة تتجلي فيها الهيئة الحاكمة والمحكومة في أصدق صورة فإن كانت متمدنة عادلة ظهرت مظاهر الرقي والمدنية والعدل في أنظمتها. وهو ما نشهده واقعا في المملكة العربية السعودية من خلال التطور السريع في مواكبة الأنظمة للاحتياجات والتطلعات الملحة لتحقيق العدل والرقي والإخاء و الحرية و المساواة فالوظيفة الأولى للأنظمة الجنائية مواجهة الظواهر الإجرامية التي هي بمثابة ظواهر طبيعية تبدوا في أشكال مختلفة على مدى العصور التي مرت بها الجماعات فهناك من يعتبر الظاهرة الإجرامية تعود لأسباب مادية ترجع إلى نقص في التكوين الخلقي للمجرم فالغضب حمي زائلة والغيرة جنون وقتي والشهوات الجامحة نتيجة مرض عضوي دفين والقاتل في غير دفاع لا يختلف عن الحيوان الضاري ينقض على فريسته بدافع من طبيعته والسارق في غير حاجة ذو شذوذ مرضي –فعندهم- المجرم كالمريض سواء بسواء وهو غريزي أو عرضي أما المجرم بالغريزة فهو من يرتكب الجريمة ولا يقف من العواطف والحياء والأمانة والحرمة لخلوه منها وهو كسول غير ميال للعمل إباحي مستهتر عديم المبالاة عديم الندم له سحنة خاصة وعقلية خاصة ولغة خاصة وهو غير قابل للإصلاح والتهذيب فلا يردعه عقاب ولا يقلل من إجرامه سجن لأنه يولد مجرما ويعيش مجرما وواجب الجماعة نحوه أن تدفع عن نفسها خطره كما تفعل إزاء حيوان مفترس افلت من قفص مروضه. ومن المجرمون بالغريزة من هو اقل خطرا واخف وطأة وهم معتاد الإجرام يرتكبون جرائمهم بدافع الغريزة ولكنهم يعترفون بخطئهم ويندمون لوقعها ولا يرتكبون الجريمة للجريمة إلا أنهم عاجزون عن مغالبة الدافع الإجرامي وهم يتميزون بارتكاب صغرى الجرائم ولا كبائرها. أما المجرم العرضي فهو من يرتكب الجريمة بدافع طبيعي وقتي فهو لا يسعى للجريمة ولكنة يدفع إليها دفعا فإذا ما وقعت ندم لحصولها وأسف لنتائجها فالجريمة عنده ليست ناتجة لتكوين خلقي وهذا النوع من الإجرام ليس إجراما حقيقيا وهو قابل للعلاج والشفاء وهذه الظواهر الإجرامية قد تختلف وتتطور مع تطور الحضارة فقد قرر الفقيه NICEFORO أن (التقدم الملحوظ في الحضارة المادية والفكرية -بوصفها مجموعة المعارف- لم يقابله حتما تقدم ملحوظ في الحضارة الخلقية أو في الحضارة السياسية والاجتماعية أي أن التلازم ليس حتميا بين حضارة العلم وحضارة الأخلاق. وأن التقدم في الحضارة المادية بوصفة رقياً في الأساليب المادية للعيش بدأ يظهر بوجه خاص بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وأطلق عليه اسم المدنية العصرية ولكنه لم ينتشر بذات القدر لا في جميع البلاد ولا في جميع مناطق البلد الواحد ولا بين جميع الأفراد الذين يتكون الشعب من مجموعهم. وانه حتى في النطاق الذي امتد إليه تقدم الحضارة المادية لم يكن من شأن هذا التقدم القضاء على الإجرام ولا الحد منه إذ انه لم يترتب عليه سوى تحول في الصورة التي يظهر الإجرام فيها فأصبح إجرام حيلة ودهاء أكثر منه إجرام عنف تبعا للتطور في أسلوب الكفاح من اجل الحياة نفسها فقد صار الإنسان يستعين على هذا الكفاح بعقلة أكثر مما يستخدم فيه جسمه. وهذا التقدم والتطور الحضاري وما ويستتبعه من تطور في شكل الجريمة يرتبط بالظواهر الاجتماعية والعلمية فالظواهر بذاتها تتمتع بخصائص محددة ينبغي توافرها وإلا فقدت الظاهرة معناها ومضمونها, فلكي نصف واقعة بأنها ارتقت إلى مستوى الظاهرة فإن ذلك يعنى أنها اتصفت بالعمومية والإلزام والاستمرارية ثم التجريد
- ردمك (ISBN):9786038215814
- تأليف:يحيى احمد الفيفي
- دار النشر:مكتبة القانون والاقتصاد للنشر والتوزيع
- التصنيف:القانون
- اللغة:العربية
- سنة النشر:2023
- عدد الصفحات:144
- الغلاف:تغليف ورقي
- الوزن (كجم):0.33
- لون الطباعة:أسود
ردمك (ISBN) | 9786038215814 |
تأليف | يحيى احمد الفيفي |
دار النشر | مكتبة القانون والاقتصاد للنشر والتوزيع |
التصنيف | القانون |
اللغة | العربية |
سنة النشر | 2023 |
عدد الصفحات | 144 |
الغلاف | تغليف ورقي |
الوزن (كجم) | 0.33 |
لون الطباعة | أسود |