أخطاء وعثرات قضائية
حسام الدين الأحمد
على مدى خمسة عقود سلختها عن عمري عاملاً في الحقل القانوني وفي أروقة المحاكم وقاعاتها، رأيت عدد غير قليل من الأسوياء الذين التزموا بالجد والاستقامة والحرص والتقدير والحذر والاحتياط، ومع ذلك كله داهمتهم مصادفات من فعل المقادير دفعت بهم دفعاً، على غير إرادة معدومة منهم – إلى مواطن الخطأ أو الزلل وقد درجنا في علم النفس وفي علم الإجرام إذا دخل الخطأ في حومة الجريمة على أن نطلق عليهم مخطئ بالصدفة أو مجرم بالصدفة بحسب نوع وقدر الزلل . فكم من شبان أسوياء .. دفعهم التطلع إلى مستقبلهم أو السفر إلى التهرب من الخدمة العسكرية .. وهي في حد ذاتها جريمة يعاقب عليها القانون ..فانزلق منهم في ذلك باللجوء إلى اصطناع محرر أو تقرير مزور للإعفاء من الخدمة العسكرية ..أو للحصول على تصريح بالسفر إلى الخارج فيجد نفسه على غير التفات ودون جنوح إجرامي ملاصقاً أمام المحاكم بجرم التزوير في محررات رسمية . وقد يظن المرء أن ما يملكه من صيت حسن ، وما يحكى له من تفوق مهنته وما يتصف به من علاقات طيبة تربطه بالغير كفيلة بأن تقيه وتحميه من أخطاء في الملاحقة القضائية ، ظناً منه أن مثل هذه الأخطاء أو السقطات لا تطال إلا البسطاء والأميين والوضيعين أو ممن أدار لهم الحظ ظهره ...لكن هذا خلاف الواقع .. فأخطاء القضاء تنال دون تمييز الأقوياء والمستضعفين. وتحفل السجلات القضائية بأسماء الكثير من مشاهير رجال الأعمال والأطباء والمهندسين بل وأساتذة الجامعات الذين وقعوا هم أيضاً ضحاياً أخطاء قضائية فادحة بأفعالهم الشخصية بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر بسبب عوامل ساهمت في هذا الخطأ أو تحققه . ولعلنا نتساءل ما الذي يدفع القضاء للوقوع في الخطأ ؟؟.. علينا أن نقرّ ولا نستغرب القول إن إحقاق الحق ليس بالأمر السهل ، فمهما تحلى القاضي بحسن الدراية والعلم ، والبعد عن الشبهات ، فلن يكون في مأمن من التأثر بعوامل خارجية عديدة قد تدفعه للوقوع في الخطأ ، فليس من المستبعد أن تؤدي معلومات خاطئة ، أو شهادات كاذبة ، أو تقرير خبير مغلوط أو وثيقة مزورة إلى تجريم أحد الأبرياء . وبالرغم من أن القضاء على أسباب ومسببات هذا الخطأ ليس مستحيلاً ، كما يزعم البعض ، إلاّ أنه يتوجب التبصر في معرفة هذه الأسباب والتحري عنها لنتحاشى الوقوع في مسالكها ، وليس بالضرورة أن يكون الخطأ القضائي تتويجاً لحكم قضائي أصدرته هيئة قضائية بل أن الخطأ القضائي قد يقع من خلال الإجراءات وفي مراحل مبتدئة من الأعمال القضائية .. فمن يزج به وراء القضبان موقوفاً توقيفاً احتياطياً ... ويبقى أشهراً طويلة حتى يصدر قرار منع محاكمته ويطلق سراحه ، فهو قد عانى ظلماً في الإجراءات ودقة التحري أو التوصيف الجرمي الصحيح . والمحكمة الجزائية التي تقضي بعقوبة لا تتناسب مع فداحة الجرم المقترف بسبب جهل في معطيات الدعوى .. أو محاباة .. أو تلك التي تقضي بتعويضات غير كافية عن الأضرار اللاحقة بأحد المتداعين من المؤكد أن حكمها ليس عادلاً . وهذه الأخطاء ليس مسرحها القضاء الجزائي فحسب . بل أنها قائمة أيضاً في الدعاوى المدنية والشرعية أيضاً ... فالشخص الذي كان ضحية حادث اصطدام سيارة والتجأ إلى المحكمة المدنية للحصول على تعويض عما ناله من ضرر وخسارة وأذى .. ويفاجئ أن بالنتيجة لم يحصل على ما يستحقه من تعويض عن هذا العطل والضرر. أو تلك الزوجة التي تخسر دعوى الطلاق ولا تنال مستحقاتها أو تعويض طلاقها التعسفي هي أيضاً جميعها أمثلة لوجود خطأ قضائي . ولعل البعض يتساءل كم تبلغ من الحجم والنوعية هذه الأخطاء القضائية ؟؟
- ردمك (ISBN):9786038125227
- تأليف:حسام الدين الأحمد
- دار النشر:مكتبة القانون والاقتصاد للنشر والتوزيع
- التصنيف:القانون
- اللغة:العربية
- سنة النشر:2019
- عدد الصفحات:319
- الغلاف:تغليف ورقي
- الوزن (كجم):0.61
- لون الطباعة:أسود
ردمك (ISBN) | 9786038125227 |
تأليف | حسام الدين الأحمد |
دار النشر | مكتبة القانون والاقتصاد للنشر والتوزيع |
التصنيف | القانون |
اللغة | العربية |
سنة النشر | 2019 |
عدد الصفحات | 319 |
الغلاف | تغليف ورقي |
الوزن (كجم) | 0.61 |
لون الطباعة | أسود |